... كيف أ نساك
على شاطىءِ دجلة..
بين الاشجارِ الحالمة بفجرٍ وندىً وعاشقات
كان يسكنُ صدرَ شاعرٍ صدىً وحنينٍ وأمنيات
فيسكُر حد الثمالة بصوتِ معشوقَتِهِ
تغنّي بشجنٍ لا يمكنُ أن يغادِر روحَه أبداً
عاشَ ذاكَ الزّمن الجميل من العذوبة
ومازالَ يسامِرُهُ ويداعبُ مخيّلتَه طيفُها حتى اللحظة
يؤمن أن عُمْرَهُ كان سنواتٍ قليلةٍ هي أيامُهُ معها .. وما عداها وهْم
و بعد أن ضيّع الزمنُ طرقاتِهم وأمسَتِ الذكرياتُ الزّادَ الوحيد
شاءَ القدرُ أن يكونَ هناك لقاءً آخرَ بعد 16 سنة من الفُراق وألتقيا في الغربة
تسمّر مشدوهاً ينظرُ اليها يسترجعُ عذوبةَ صوتِها مردّداً ..
... ولا ليلة ولا يوم أنا ذقت النوم أيام بعدك
فأمطَرت عينَيها شوقاً قبلَ الحروفِ وبكتْ ندىً وزنابق
.... تعانقاً
فحضرتْ الأماسي كلُّها وغنّى
أبو نؤاس ودجلة
ردّدتْ هي بشفاهٍ مرتعشة
أنا أنسى هواك وعذابي معاك.. ما انساش حبكْ
كيفّ أنساكَ وطرقاتِ الليلِ الجميلة ببغداد تنامُ بأضلعي
وكيف أُقنعُ شغافَ القلبِ بمُغادَرتِكَ
أيّها الغافي في السويداء
ما زلتُ أُغنّي لكَ وحدَك
وأنتظرُ نشوتَكَ وتَهليلَك
فلا الزمنُ الموحشُ
ولا طرقاتِ الصّمتِ
ولا صقيعُ الغربةِ
أنساني حرارةَ عناقِك
أفتقدُك أيها الندى
أنتظرتُك بصبرِ الزّهور
التي أبتْ أن تَحيا بَعدك
ووجع حناجرِ الطيورِ التي ردّدت إسمَك
كان الزمنُ موحشاً لا يتريّض لدمعي
لا يلهو بحلمٍ قديمٍ
أعشقُكَ
يارجلاً يحرقُ الصنوبرَ بداخلي
فأنتشي
وأُغني لدخّانيَ المتصاعدِ في لهيبِك
كم أتوقُ لعناقِك ..
بكينا معاً حلماً إسمُه العراق
وإمتزج الدّمعُ بقطراتٍ من رذاذِ دجلة
المتطايرِ عند الفجرِ فوقَ الشطآن